اليهود.. والتاريخ المكذوب لمولد المسيح
من المعروف أن المسيحيين هم أهل أوروبا الأصليون، علي حين أن اليهود دخلاء، كما أنه من المعروف أيضا أن اليهود في العصور الوسطي متخلفون حضاريا عن المسيحيين، بسبب التزمت القاسي الذي فرضه عليهم أحبارهم، الذي كان يصل كثيرا إلي حد الإرهاب. مع فخامة الأعياد المسيحية وطقوسها الجذابة وأساطيرها الكثيرة عن القديسين والشهداء والرهبان، حتي باتت اليهودية تخشي علي أبنائها الانتقال إلي المسيحية بما تمنحه من مزايا وما ينشره دعاتها ومبشروها عن يهود أوروبا من صفات القذارة والبخل وعبادة المال.
من هنا انتقل حاخامات اليهود إلي دعاية ايجابية في قصة كتبوها وروجوها بعنوان 'سيرة يسوع'، وهو تاريخ مكذوب لمولد المسيح عليه السلام من أمه السيدة مريم العذراء. وانتشرت القصة انتشارا واسعا في أعالي العصور الوسطي، وكثرت مخطوطاتها حتي قام بنشرها باللغة الألمانية عام 1987 غونثر شليشتنغ في توينغن. ثم لخصها الباحث الفرنسي موريس رأوبيني في بداية كتابه 'الفكر اليهودي الحديث' الذي صدر في باريس عام 1989م وعنه أنقلها هنا، مع التذكير بأن ناقل الكفر ليس بكافر:
أشخاص هذه القصة (الملكة هيلانة) يهودية، مريم أم المسيح (من أقارب هيلانة)، يوسف (النجار) عشيق مريم الولهان. ينجح يوسف في اغراء العذراء مريم، إذ بدأ بتفحص شخصية خطيبها (يوحنا) بعد أن ارتبط معه بصداقة لهذا الهدف.
ووقع اتصال يوسف بمريم في أيام حيضها، ثم فشل في إخفاء جريمته وألصقها بيوحنا الذي كان معروفا بالورع والتدين والتزام أحكام التوراة، فأقسم انه لم يرتكب هذا الجرم المنصوص علي تحريمه في التوراة، خصوصا في فترة الطمث.
وبعد ثبوت براءة يوحنا غضبت عليه مريم، لانه وضع ثقته في صديق غير أمين. وعلي أثر هذا الخلاف ذهب يوحنا إلي أستاذه 'شمعون بن شيطح' يسأله النصيحة، فأوصاه بأن يحكم اغلاق الأبواب والنوافذ في بيت مريم، وأدرك يوسف النجار خطورة الاقدام علي العودة إلي مريم، فقطع زيارته. وأمام القيل والقال أحس يوحنا بأن سمعته في خطر، فهرب إلي أرض بابل بالعراق، وتفرغ لدراسة الشريعة. أما مريم فأحست باليأس وعادت تنصت إلي اغراء يوسف النجار، ثم انحرفت نهائيا، واحترفت الدعارة، وصارت من المومسات!!
***
هكذا أحاط الغموض بأصل يسوع ومولده. ثم شب الولد وصار تلميذا في المدرسة الدينية، فأبدي من الذكاء والفطنة ما جذب إليه أنظار زملائه وشيخه، فأصابه الغرور لدرجة أنه تجرأ في غياب الشيخ علي تفسير إحدي الشرائع المقدسة علي الرغم من تنبيه الزملاء وتحذيرهم، وتهديدهم له بالعقاب.
وتدخل الأستاذ عند عودته لتهدئة الأمر، لكن سوء أدب يسوع لم يقف عند حد، اذ قارن نفسه بموسي الذي بدأ تعليمه عند كاهن مديان (هكذا اسم شعيب عندهم) ثم صار بعد ذلك 'رسول الله' واتضح لشيخه أن هذا الشاب جاوز بوقاحته الحد، ولابد انه 'ابن حرام'! وأمام هذه الشبهة التي أثارها الشيخ، هرب يسوع من البلد، وأرغم أمه علي الاعتراف بالحقيقة. فأخبرته انها حملت به من خطيبها المختفي يوحنا! ثم مضت مدة من الزمان، وعاد استاذه فسمح له بمتابعة القراءة عليه. لكن عاوده غروره فادعي الألوهية وراح يبيح ما حرمته التوراةبصفته الرب! خصوصا في شرائع السبت.
ثم مارس ضغطا علي مجلس القضاء الأعلي (السنهدرين) لكي يحضر أمه للتحقيق، فاعترفت بأنها ولدته من زنا، أثناء إقامتها مع عشيقها (يوسف النجار) لكن المحكمة أخلت سبيلها!
أما يسوع فاستمر في مغامراته حتي قبض عليه وحوكم وسجن. لكنه فر من السجن ودخل بعد هذا في ممارسة السحر، فكان يمشي علي الماء، ويدعو السمك فيأتي إليه، ويطعم منه أتباعه، ويضاعف لهم الخبز علي المائدة حتي لاينفد، ويكسوهم بالجديد من الثياب.
وفي النهاية تم القبض عليه ورجمه بالحجارة وتعليقه ودفنه!
***
هذه هي الأكاذيب التي كان يهرف بها أحبار اليهود، وهي لاتخرج عن تحديهم لكل نبي جاءهم.. فهم يطالبونه أولا بمعجزة، فإذا عجز عنها، فهو كذاب ومحتال، وجزاؤه القتل، وان عملها فهو مشعوذ وساحر، وجزاؤه القتل أيضا! أما العقيدة المسيحية فهي عندهم دين فاسد، لان دعوة المسيح لم تبق خاصة بالشعب المختار، بل كانت للبشر جميعا، وكسرت بذلك الاحتكار الكهنوتي اليهودي.
ولم يكن اليهود بعيدي النظر في موقفهم من المسيحيين في أوروبا، لانهم الأغلبية الساحقة، ومنهم البابوات والملوك والاساقفة والامراء، وتحت امرتهم الجيوش، ولهم أعوانهم في كل مكان.. فمساكنة اليهود لهم مع اصرارهم علي تصنيفهم في الكفار كانت مصدر إثارة لمزيد من الحقد والضغينة، إلي أن جاء الحاخام المجتهد مناحم بن سالومون هامئيري (من جنوب شرقي فرنسا فصحح هذا الموقف، وأعلن ان المسيحيةكاليهوديةديانة سماوية تؤمن بالوحدانية، وكان هذا في أواخر القرن الثالث عشر أو أوائل الرابع عشر، لان هذا الحاخام ولد عام 1249 ومات عام 1316م . واستدل الباحثون علي ان قصة اليهود عن المسيح وأمه كانت منتشرة قبل هذه الفترة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق